ثلاث حكايا عشناها على خشبة مسرح دار الأسد للثقافة باللاذقية في العرض المسرحي الذي أخرجه الفنان المبدع أيمن زيدان وأعده بالتعاون مع الكاتب محمودالجعفوري
عن نص بعنوان “قصص تروى” للكاتب المسرحي الأرجنتيني اوزوالدو دراكون…
ثلاث حكايا موجعة لم يختلف فيها طعم الألم سوى بازدياد حجمه…
يشدنا ديكور بسيط يتناسب مع الإنسان البسيط الذي كان محور الحكايا الثلاثة بأحلامه وخيباته،
ومكياج موه الشخصيات الحقيقية لأصحابها لتناسب كل الأدوار التي تناوبت عليها باحتراف وأداء رائع،
وأزياء قد توحي بالعشوائية لكن في الحقيقة هي أكثر من مناسبة لواقع الحال ،وإضاءة يسقط شعاعها في الروح محدثا”ضجة متناغمة مع الموضوعات المطروحة والتي تخص كل المسحوقين الذين قصد المخرج التوجه إليهم مؤمنا” أن المسرح هو أشبه ما يكون بالمدافع عن قضاياهم.
هل ضحكنا أثناء العرض…هل تمايلنا مع أغنية …؟هل زاد حماسنا مع إيقاع ..؟
أجل فعلنا ذاك وأكثر….
ضحكنا حتى البكاء وتحمسنا وتمايلنا حتى سكرنا من أوجاعنا.
نظرة شاملة على المدرجات المكتظة بجمهور متعطش لفسحة أمل ،لكوميديا ساخرة من واقع مزر،نظرة واحدة تؤكد أن شخصيات الحكايا كانت موجودة بيننا، فكم من عامل يعمل بدوامين ويتحامل على المرض والوجع ليؤمن قوت أولاده كما في الحكاية الأولى..!
كم من عامل يبخل على نفسه بثمن الدواء…!
كم من عامل مجتهد اكتفى المسؤولون عنه بتوجيه كتاب شكر يخلو من أية مكافأة مادية له بعد سنوات من العمل والكفاح ..!
وكم من فقير كره الطبقة التي ينتمي إليها فحاول الهروب منها ودفع ثمن بطاقة الخروج بخياتتها كما في الحكاية الثانية. ..!
ولكن الأقسى على الإطلاق ما يضطر إليه ذلك العامل الفقير الذي أغلقت في وجهه فرص العمل وضاع معها الأمل بحياة كريمة…..فعمل بوظيفة كلب حتى فقد شعوره بإنسانيته وعجز رفع ظهره والوقوف على قدميه فقط مجدداً
كما في الحكاية الثالثة…
نعم هذه الحكاية التي جعلت عشرات الحضور يذرفون دموعا”لأنها لامست أوجاعهم وحاجاتهم وانكساراتهم في مجتمع مادي…
ثلاث حكايا أضحكتنا من الألم وأبكتنا من اليأس أجاد تمثيل شخصياتها بحرفية عالية: حازم زيدان وقصي قدسية ولمى بدور ومازن عباس وخوشناف ظاظا…
فنالوا تقديرنا ودموعنا بعدما اجتهد كل منهم لينقل أفكار الشخصية مضيفا”إليها عمقا”وعاطفة مظهرا”بانفعالاته التوتر والصراع الداخلي للشخصية ،
فرافق أداؤهم مخيلاتنا في رحلة الإياب ليتأكد من ذلك كله أن المسرح أبو الفنون ،واللغة المسرحية هي الأقدر على التعبير عن الحياة الإنسانية.