الأدب والأدباء

ستتكلم لاحقا . بقلم الكاتبة فاطمة حفيظ 

ثم نظرت نظرة مغص إلى المنبھ القدیم و تنھدت :

– اووووف …انھ ضجیج یوم جدید عابر ..با￾ علیك, بأي حق
تسألني أن أبدا ھذا الیوم بعبارة “صباح الخیر”…عصافیر و
حشرات حقیرة كیف تتسللون إلى الغرف كلما انبعث ھذا
الضوء الساطع و تتجرؤون على مقارنة أیامكم بأیامنا
اللعینة…اغربوا عن وجھي و إلا…
بخطوات متثاقلة ,اتجھت نحو ذلك الدولاب الذي یحتوي على
كومة ثیاب قدیمة و اختارت ثوبا رمادیا واسعا یشبھ ثوب الجدة
المریضة ;ثم أعادت بقیة الثیاب بشكل فوضوي و أغلقت ذلك
الدولاب المكسور من طقوسھا الصباحیة العنیفة …نظرت باحتقار
إلى المرآة و تساءلت :
– ھل أنتي جائعة؟
– ماذا أصاب ھذه ألرقعة المستدیرة من جسدي یا ترى ! إنھا
تعج بالدھون مجددا…حضرتك لما تنظرین إلى جسمي و
تضحكین ؟ مرآة مومس لا تحب إلا أجساد السافلات و تثني
على لیالیھن الحمراء…
ثم نظرت لذلك الجدار ذو البشرة الجافة المتشققة و بفمھ ساعة
كبیرة لم یتم تغییر بطاریتھا منذ أشھر عدیدة, و كانت تلك
الساعة قد التقطت من ھامش سجل الولادات اسمھا الضائع و
ثبتت تلك اللحظة على الساعة العاشرة و عشر دقائق…
الم تجدي ما تفعلینھ أیتھا الساعة؟ أن الجدار قد ابتھج حین
تلاشت قدرتك في تحدید ساعات و دقائق متشابھة جدا؟ معك
حق نامي فلیس لدیك سبب تافھ للاستیقاظ, سأعترف بشيء, لولا
حاجتي المتكررة للتبول و الأكل لأصبحت بمثل وضعك تماما و
صلبت نفسي بجانبك و نحن نتبادل الزمن بشكلھ الخام….
– نعم ,تعالي سنصبح صدیقتان و نكرر الدقیقة نفسھا لبلیون مرة
حتى یسقط الجسد في طقوس الطبیعة.
– ھل نحن جبھة ضد الریاح و السحب ؟
-و لما الریاح و السحب على وجھ التحدید؟
لا تعبر بین أولئك العابرین باستمرار ثم تبتسم بنكھة امتلاء￾إنھا لا تعرف میعاد منذ أن وجدت.لا تلتقطھا عقارب ساعة و
وكبر عمیق…
– الفضل یعود إلي الریاح و السحب حین تغمر ذلك الشحیح
الصاعد من الأرض و تمسك بقلب الفوضى و سرعة تغشى
البصر.
– تغشى معالم الخریطة الحمراء.
– و ما ھي الخریطة الحمراء؟
– إنھا خریطة تلك المدینة التي رفض إبلیس أن یسجد لھا لكنھ
حصل على إذن الدخول إلیھا و العبث بأرجائھا كیفما شاء.
– و ماذا حصل لمن لم یعترضوا على أمر السجود؟
– إنھم یسكنون ببیوت خمس بمدخل المدینة, لكنھم لا یستطیعون التوغل في قلب المدينة ابدا
على كل حال,لیست لدي فكرة عمن یزود العابثین بتلك
التفاصیل. ھل قوتھم تتفوق على سكان الخریطة الحمراء؟
– إلى حد ما , سماتھم لا تبرز على وجوھھم أما سكان الخریطة
الحمراء فیأكلون من خیرات إبلیس و فواكھھ اللذیذة و مع ذلك
یتمردون ضده و یجعلونھ یحزن و ھم یخفون ھذه المودة
العظیمة لھ.
– یقولون أنھ یضخ مزیدا من الشغف إلى قلبھ حین تفكر أنثى و
تحاول كسر الزمن الخام !
– لا,صدقیني… انھ یشعر بالشفقة على ضلع اعوج جمیل یتكئ
على غصن ضعیف و یبكي حین یشعر بالدونیة و یلبس كعبا و
فستانا احمرا حین یغادر كل شيء و فجأة تشعر بتضخم الذات.
– و ماذا بین الشعور بالدونیة و تضخم الذات؟
– إنھا أنثى و ستتكلم لاحقا , ستتكلم لاحقا حین یرفع القدر
الحصار بدلا من رفع تنورھا حین تشتد العواصف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى