اهم المقالات

باقات عطر تنثرها الأديبة السورية ليلى مقدسي فوق أشواك الحياة.

 حوار – نور نديم عمران

(سأل الممكن المستحيل: أين تقيم ؟! أجاب: في أحلام العاجزين) والأديبة السورية ليلى مقدسي بكل مايحمله هذا الاسم من رقي وإبداع ترجمت هذه المقولة في حياتنا الإنسانية والأدبية بتفوقها على ظروف صعبة كثيرة رافقتها منذ سنين عمرها الأولى إلى الآن…لتثبت أن لاوجود لكلمة عجز في قاموسها الذي أبدعت في كتابته بنفسها ،ولتورث الأجيال العاشقة للأدب الإنساني إرثا”عظيما” يلخص حياة أديبة دعت إلى المحبة الإنسانية والتسامح … (ليلى مقدسي ):كيف تلخصين تجربتك الطويلة مع الألم والإبداع ؟ بين الممكن والمستحيل عبر أحلام العاجزين أمضيت تجربة طويلة ممتعة وحزينة لكني حولت الألم الى طاقة إبداع كنت أكتب بيد والألم في العين التي فقدت بصرها إثر عمل جراحي خاطىء وأنا في ريعان الصبا،وتمر تجربتي بمراحل طفولتي في بيت جدي في الريف من عمر سنتين حتى السابعة كنت أميرة مدللة وأحلى مرحلة إلى أن توفي جدي كانت الصدمة الأولى رجعت لأهلي غريبة معهم كان هو شاعر زجل، وعنده مضافة كل ليلة أجلس في حضنه وأحضر مبارة الزجل مع أصحابه .. كبرت وعشت مع راهبتي خمس عشرة سنة، عملت بالتدريس في عمر صغير جدا” ولم أسجل في السجلات الرسمية .. مرت ظروف صعبة بوالدي كنت حصلت على الإعدادية بتفوق في الصف الثامن قدمت موضوع انشاء أعجب استاذي ونشره في كتاب من تأليفه( التعبير الفني في الانشاء) كان اسمي مع كبار الأدباء تعودت على المطالعة من صغري مع جبران وطاغور… و…و.. وتغذى عالمي الروحي كتبت خواطري وعمي كان مترجما في الاذاعة يشجعني وينشر لي في جرائد دمشق حصلت على الثانوية حرة مع العمل سجلت بالجامعة أدب عربي ، وكانت الكتابة والكتب زادي اليومي. ومرت السنين تعبت عيني جدا”على الرغم من تحذير الاطباء قاومت كنت مع الضعفاء والبائسين وكان محور كتاباتي المحبة الانسانية والتسامح والعطاء وهذا اكتسبته من عيشي مع راهبتي وآمنت بقول إن كنت إنسانا كن حبا.. وتابعت تجربتي على الرغم من ظروف قاسية عصفت بي وكنت أقوى منها أنجزت ثمان وخمسين كتابا نثر .. شعر رواية . قصص ودراسة عن التصوف والحب؛ ومازلت أحمل قلمي وآلامي وأكتب وأتمنى أن يغطى ترابي بأوراق حروفي ولن أتوقف حتى آخر لحظة من عمري. ** دعوت في أدبك إلى التسامح والمحبة كما أسلفنا فهل كنت قادرة حقا”على تمثل ذلك مع الأشخاص الذين آذوك في حياتك؟ كتابتي لاتنفصل عن شخصيتي وأسلوبي مع الآخرين وأجمل شىء صدق الكاتب مع نفسه مع الآخرين مع كتبه تعرضت لمواقف صعبة وعشت تجارب قاسية جد”ا تجاوزتها بقوة المحبة.. لاتسألي عن الضعف فينا بل قوة محبتنا… المحبة قوة ونور في ظلمات الحياة الضعيف لايعرف الحب القوي قوي بمحبته ومازلت أمسح بكل تسامح كل من سبب لي الضرر وإن فعلت غير ذلك اخون نفسي وكتبي ومبادئي. **_في صافيتا المنشأ والولادة..وفي حلب الإبداع والألم.. ماذا أضاعت ليلى بين المدينتين وماذا وجدت؟! صافيتا موطني.. طفولتي صباي ..عشقي… منها تأملاتي مع الطبيعة الشجر.. الكروم ..العصافير ومنها بدأت حروفي وخربشاتي مع رفقة عمي الأديب رفيق مقدسي وحين انتقل والدي الى حلب وفق عمله ضابط في الدرك السوري…على الرغم من عراقة حلب وتاريخها لكن ضاع مني الطبيعة الخلابة والهدوء والتأمل، وحلت بي كل المصاعب والأوجاع في حلب ومع ذلك تابعت إبداعي فيها وحظيت بأجمل الأصدقاء والصديقات والأدباء لكن حنيني لأول منزل صافيتا. **كيف تعاملت الأديبة ليلى مع الأزمة السورية والحصار الذي عانت منه مدينة حلب؟ ماحدث في حلب لم اصدقه أقسى سبع سنوات مرت… بنايات تهبط.. صواريخ تقصف.. قذائف الحقد ليل نهار، حتى منزلي لم يبق فيه زجاج … منظر الجثث والجرحى والأطفال شيء فظيع جدا لم يحدث في تاريخ البشرية،البعض فقد أهله…وآخر فقد أطفاله، والمشوهين… كان الرعب والخوف زادنا اليومي بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء أمضيت عاما” على ضوء الشموع والأسوا انقطاع المياه.. كنت تحت قذائف الإرهاب أذهب للحديقة لأؤمن بعض الماء… كنا نعاني اختناقا”وحصارا”من كل النواحي ولكني كنت ألجأ إلى دفتري وأكتب مع الضجيج …حالة حصار حلب يلزمها كتاب كامل. **ليلى..الأم الروحية لكثير من الأدباء والكتاب عاشت بعيدة عن ابنتها الوحيدة المغتربة.. لماذا لم تختاري السفر والعيش إلى جانب وحيدتك؟ كانت ابنتي تتصل وتلح وتقلق وأصيبت بتعب نفسي لكن هي في أمان وأنا على الرغم من سفري عدة مرات لباريس لم أتحمل الغربة ووطني الذي احتضني هل أتخلى عنه وهو ينزف مستحيل رفضت ولن أغادر إلا إن تعافى من الظلام الذي اغتاله والرب هو وحده أنقذنا من الموت والجوع والعطش وبقي وطني مملكتي وعشقي. **تتحدثين دائما”عن كنزك الحقيقي وهو محبة أصدقائك الأدباء وغيرهم حتى أنهم أطلقوا عليك ألقابا” كثيرة منها:شاعرة التجليات الصوفية …وأيقونة الشعر .. معجزة حلب… و غيرها كثير. أي الألقاب أحب إلى قلبك ولماذا؟ محبة الناس كنزي وزادي وقوتي حتى أطباء العيون والأدباء من أغلب محافظات سورية زاروني وامسيات شعرية جميلة معهم.. كنت أشعر أنهم أسرتي الكبيرة حتى في الحرب لم ينقطعوا عني وأعتز بكل لقب منحوني إياه ولكن أنا شاعرة الحب الانساني بلغة صوفية وجدانية إنسانية، فترة الحرب اعتزلت سبع سنوات في بيتي مع كتبي أحد الأدباء لقبني ناسكة حلب …. مع الحب أحيا ومع التسامح أموت وكلمة المحبة هي الانسان، والمعرفة قوة والكتابة سلاح في وجه كل صعوبات الحياة **كلمة أخيرة…تتوجين بها لقاءنا الغني معك سيدتي: باقة شكر للمبدعة نور صفحات مدهشة من أسئلتك دائما” بالمحبة نلتقي ومع الحروف ننثر باقات عطر فوق أشواك الحياة. تحياتي لكم وشكري العميق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى