الأدب والأدباء

(الرقم واحد ) قصة قصيرة بقلم الكاتبة نور نديم عمران 

( هه ..غبية أنا كيف ظننت أن شعورا” دافئا” سيختلج في صدره ، هل صدقت حقا”أن رؤيته لي بعد كل هذا الغياب ستثير لديه الحنين ؟ وهل أنا سوى رقم عابر بين أرقام صفحات كتاب قلبه المهترىء ) . تمتمت بتلك الكلمات وأزاحت خصلة” من شعرها الأسود عن عينيها بحركة يد ساخرة، كأنما تقول لنفسها : كفاك تختلسين النظر لأوهام ، كفاك تجترين أحلاما” .

استمر في تجاهلها واستمرت ذاكرتها تهطل كشتاء عاصف
( إنهما عيناه ..وذلك الألق ..مازال كل شيء كما تركته عند ناصية ذلك الشارع البحري،بعض الشيب لم ينل من وسامته، وحتى تلك العكاز التي كان يتكىء عليها بمساعدة شابة جميلة تشبهه جدا”…ماذا..ماذا ماذا ؟ من هذه الشابة ؟!
لديها سحر عينيه ، أصابعه الطويلة وأنفه الحاد ، وتلك الانحناءة الصغيرة في قامته ، هل تراها ابنته ؟!
لا ..لا يمكن فهو كما أخبرها لن يقيد فنه وإبداعه بالزواج ، إذا” من تكون؟.
عدلت من جلستها وضحكت على حديث لا تسمعه من بعض زوار المعرض الجماعي، مر قربها في الزحام ، لامسها بينما يمر بشكل جانبي جزء من كتفه ، تجمدت… وتجمدت أكثر عندما مر أمام لوحة موقعة باسمها دونما اكتراث إلى أن أوقفته امرأة شابة بدلال : انظر حبيبي .. هذا الرجل في هذه اللوحة يشبهك جدا” لكن في عمر أصغر، لنقرأ اسم الفنان الذي أبدع هذه التحغة .
تقرأ الشابة الاسم وتلتفت حولها قائلة” إنها موقعة باسم الفنانة وجد ، فلنبحث عنها ونستفسر عن مصدر إلهامها من يدري قد نقتني اللوحة .
تصنع الفنان القدير بعض الاهتمام وهو يسحب صديقته الجميلة متملصا” من أمام اللوحة وهو يهمس في أذنها : إن كان لديك الأصل فما همك من نسخ قديمة ؟
اقتربت وجد من اللوحة وكتبت على قصاصة ورقية ألصقتها فوقها ( مباعة ) وقالت في نفسها : بالفعل كنت غبية .. ما أنا سوى رقم عابر بين أرقام صفحات قلبه المهترىء ، نعم لقد كان الرقم واحد في كتاب الحب والرقم واحد في كتاب الغدر، كان الأول في إيذائي فلم أذكره بذلك الحنين المقيت؟ ربما لأن الأرقام التالية كلها بعده ما كانت إلا مضاعفات له ، تكرر فيها كما تكرر في لوحاتي التالية .
خرجت من الصالة دون أن تلتفت إليه وقد لف ذراعيه حول الفنانة الأخرى التي كانت تسوقه لرؤية لوحاتها شاكرة”حضوره الراقي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى